الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
- (م ت ه) كلهم في الدعوات (عن ابن مسعود) ولم يخرجه البخاري. 1516 - (اللّهم استر عورتي) أي ما يسوؤني إظهاره (وآمن روعتي) خوفي وفزعي (واقض عني ديني) بأن تقدرني على وفائه والقضاء لغة على وجوه ترجع إلى انقضاء [ص 138] الشيء وتمامه. - (طب عن خباب) بن الأرت الخزاعي التميمي من السابقين الأولين سبي في الجاهلية فبيع بمكة قال الهيثمي وفيه من لم أعرفه. 1517 - (اللّهم اجعل حبك) أي حبي لك (أحب الأشياء إليّ) وذلك يستلزم الترقي في مدارج معرفة الحق ومطالعة كمال جماله فكلما ازدادت المعرفة تضاعفت الأحبية (واجعل خشيتك) خوفي منك المقترن بكمال التعظيم (أخوف الأشياء عندي) بأن تكشف لي من صفات الجمال ما يستلزم كمال الخوف (واقطع عني حاجات الدنيا) أي امنعها وادفعها (بالشوق إلى لقائك) أي بسبب حصول الشوق إلى النظر إلى وجهك الكريم الذي هو أرفع درحات النعيم وغاية الأماني لكل قلب سليم ومن منح الشوق انقطعت عنه حاجات الدنيا والآخرة وأولاهم باللّه أشدهم له شوقاً وقد كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم طويل الفكر دائم الأحزان فهل كان كذلك إلا من شدة شوقه إلى منزله وأقربهم قرباً وأعلمهم به أشدهم حرقة في القلوب، روي عن موسى عليه الصلاة والسلام أنه كان يخرج إلى طور سيناء فربما ضاق عليه الأمر في الطريق فشق-هذا لا يتفق مع جلالة سيدنا موسى عليه السلام فتدبر- قميصه من شدة الشوق. قال حجة الإسلام: لو خلق فيك الشوق إلى لقائه والشهوة إلى معرفة جلاله لعلمت أنها أصدق وأقوى من شهوة الأكل والشرب وكذلك كل شيء بل وآثرت جنة المعرفة ورياضتها على الجنة التي فيها قضاء الشهوات المحسوسة وهذه الشهوة خلقت للعارفين ولم تخلق لك كما خلق لك شهوة الجاه ولم تخلق للصبيان وإنما لهم شهوة اللعب وأنت تعجب من عكوفهم عليه وخلوهم عن لذة العلم والرياسة والعارف يعجب منك ومن عكوفك على لذة العلم والرياسة فإن الدنيا بحذافيرها عنده لهو ولعب فلما خلق للكل معرفة الشوق كان التذاذهم بالمعرفة بقدر شهوتهم ويتفاوتون في ذلك ولذلك سأل المصطفى صلى اللّه عليه وسلم من المزيد ولا نسبة لتلك اللذة إلى لذة الشهوات الحسية شتان ولذلك كان العارف ابن أدهم يقول: لو علم الملوك ما نحن فيه من النعيم لقاتلونا عليه بالسيوف (وإذا أقررت أعين أهل الدنيا من دنياهم) أي فرحتهم بما أتيتهم منها. قال الزمخشري: من المجاز قرت عينه وأقر اللّه بها عينه ويقر بعيني أن أراك وهو في قرة من العيش في رغد وطيب (فأقر عيني من عبادتك) أي فرحني بها وذلك لأن المستبشر الضاحك يخرج من عينيه ماء بارد والباكي جزعاً يخرج من عينيه ماء سخن من كبده. قال الحليمي: هذا قاله تذللاً وإشفاقاً على نفسه من الطغيان والاشتغال بالمال عن طاعة الرحمن وهو معصوم من ذلك لكن الكل يغلب عليهم مقام الخوف. - (حل عن الهيثم بن مالك الطائي) أي محمد الشامي الأعمى. 1518 - (اللّهم إني أعوذ بك من شر الأعميين) قالوا يا رسول اللّه وما الأعميان قال (السيل والبعير الصؤول) فعول من الصيول وهي الحملة والوثبة والعمى عدم البصر عما من شأنه أن يبصر وقد يقال لعدم البصيرة قال ابن الأثير: سماها أعميين لما يصيب من يصيبانه من الحيرة في أمره وأنهما إذا وقعا لا يتقيان موضعاً ولا يتجنبان شيئاً كالأعمى الذي لا يدري أين يسلك فهو يمشي حيث أدته رجله. - (طب) من حديث عبد الرحمن بن عثمان عن أبيه (عن) أمه (عائشة بنت القدامة) بن مظعون الجمحية قال الهيثمي فيه عبد الرحمن بن عثمان الحاطبي وهو ضعيف وقال ابن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال ضعيف يهولني كثرة ما يسند. [ص 139] 1519 - (اللّهم إني أسألك الصحة) أي العافية من الأمراض والعاهات، والصحة ذهاب المرض كما في القاموس، وهذه رواية الطبراني ورواية البزار العصمة بدل الصحة فما أوهمه المصنف من تطابقهما على اللفظ المزبور غير صواب (والعفة) عن المحرمات والمكروهات وما يخل بكمال المروءة (والأمانة) ضد الخيانة (وحسن الخلق) بضم اللام أي مع الخلق (والرضا بالقدر) أي مما قدرته عليّ في الأزل وهذا تعليم لأمته وتمرين للنفس على الرضا بالقضاء وذلك لأمرين: الأول أن يتفرغ العبد للعبادة لأنه إذا لم يرض بالقضاء يكون مهموماً مشغول القلب أبداً بأنه لم كان كذا ولماذا لا يكون كذا فإذا اشتغل القلب بشيء من هذه الهموم كيف يتفرغ للعبادة إذ ليس له إلا قلب واحد وقد امتلأ من الهموم وما كان وما يكون فأي محل فيه لذكر العبادة وفكر الآخرة، ولقد صدق شقيق في قوله حسرة الأمور الماضية وتدبير الآتية ذهبت ببركة الساعات. الثاني خطر ما في السخط من مقت اللّه وغضبه مع أنه لا فائدة لذلك إذ القضاء نافذ ولا بد منه رضى العبد أم سخط. - (البزار) في مسنده (طب عن ابن عمرو) وقال الهيثمي فيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وهو ضعيف الحديث وبقية رجال أحد الإسنادين رجال الصحيح. 1520 - (اللّهم إني أعوذ بك من يوم السوء) أي القبح والفحش أو يوم المصيبة أو نزول البلاء أو يوم الغفلة بعد المعرفة (ومن ليلة السوء ومن ساعة السوء ومن صاحب السوء) مفرد الصحابة بفتح الصاد ولم يجمع فاعل على فعالة إلا هذا (ومن جار السوء في دار المقامة) زاد في رواية فإن جار البادية يتحول، والمقامة بالضم الإقامة كما في الصحاح قال: وقد تكون بمعنى القيام لأنك إذا جعلته من قام يقوم فمفتوح أو من أقام يقيم فمضموم وقوله تعالى - (طب عن عقبة بن عامر) قال الهيثمي رجاله ثقات وأعاده في موضع آخر وقال رجاله رجال الصحيح غير بشر بن ثابت وهو ثقة. 1521 - (اللّهم إني أعوذ برضاك من سخطك) أي بما يرضيك عما يسخطك فقد خرج العبد هنا عن حظ نفسه بإقامة حرمة محبوبة فهذا للّه ثم الذي لنفسه من هذا الباب قوله (وبمعافاتك من عقوبتك) استعاذ بمعافاته بعد استعاذته برضاه لأنه يحتمل أن يرضى عنه من جهة حقوقه ويعاقبه على حقوق غيره (وأعوذ بك منك) أي برحمتك من عقوبتك فإن ما يستعاذ منه صادر عن مشيئته وخلقه بإذنه وقضائه فهو الذي سبب الأسباب الذي يستفاد به منها خلقاً وكوناً وهو الذي يعيذ منها ويدفع شرها خلقاً وكوناً فمنه السبب والمسبب وهو الذي حرك الأنفس والأبدان وأعطاها قوى التأثير وهو الذي أوجدها وأعدّها وأمدها وهو الذي يمسكها إذا شاء ويحول بينها وبين قواها وتأثيرها فتأمّل ما تحت قوله أعوذ بك منك من محضر التوحيد وقطع الالتفات إلى غيره وتكميل التوكل عليه وإفراده بالاستعانة وغيرها (لا أحصي ثناء عليك) في مقابلة نعمة واحدة من نعمك - (م 4) ولم يخرجه البخاري (عن عائشة) قالت: فقدت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو بالمسجد وهما منصوبتان وهو يقول ذلك. 1522 - (اللّهم لك الحمد شكراً) على نعمائك التي لا تتناهى (ولك المن فضلاً) أي زيادة وهذا قاله حين بعث بعثاً من الأنصار وقال إن سلمهم اللّه وغنمهم فإن للّه علي في ذلك شكراً فلم يلبثوا أن جاؤوا وغنموا وسلموا فقيل له سمعناك تقول إن سلمهم اللّه وغنمهم فللّه علي شكر قال قد فعلت قلت اللّهم لك الحمد إلى آخره. فرح المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بذلك وشكره عليه ليس من حيث حصول الغنيمة التي هي نعمة ولا من حيث الإنعام بل من حيث المنعم وعنايته به وإقداره على التوصل إلى القرب وهذا كان حال المصطفى لا يفرح من الدنيا إلا بما هو مزرعة للآخرة ويحزن بكل نعمة تلهيه عن ذكر اللّه وتصده عن سبيله لأنه لا يريد النعمة لكونها لذيذة ملائمة بل من حيث إعانتها على الآخرة ولذلك قال الشبلي: الشكر رؤية المنعم له النعمة والقلب لا يلتذ حال الصحة إلا بذكر اللّه ومعرفته ولقائه وإنما يلتذ بغيره إذا مرض بسوء العادات كما يلتذ بعض الناس بأكل الطين وكما يجد المريض الحلو مراً والعمل بموجب الفرح الحاصل من معرفة المنعم يتعلق بالقلب بأن يضمر الخير لكافة الخلق، وباللسان بأن يظهر الشكر بالتحميد والجوارح باستعمال نعم اللّه في طاعته. - (طب عن كعب بن عجرة) بفتح المهملة وسكون الجيم الأنصاري المدني. قال الهيثمي: فيه سليمان بن سالم المدني وهو ضعيف وذكره في محل آخر وقال فيه عبد اللّه بن شبيب متهم ذو مناكير. 1523 - (اللّهم إني أسألك التوفيق) الذي هو خلق قدرة الطاعة (لمحابك) بالتشديد أي ما تحبه وترضاه (من الأعمال) الصالحة لأترقى في الأفضل فالأفضل منها وتروم إلى المراقبة والإقبال قال بعض العارفين: من أقبل على اللّه ألف سنة وعقل عنه سنة كان ما فاته أكثر مما ناله لأن من حصل له الوصول نال غاية المقصود فلم يفته شيء ومن فاته المقصود المعبود فاته كل شيء (وصدق التوكل عليك) أي إخلاصه ومطابقته للواقع من الأعمال (وحسن الظن بك) أي يقيناً جازماً يكون سبباً لحسن الظن بك لقوله أنا عند ظن عبدي بي انظر إلى هذه الثلاث المسؤولة كيف يشبه بعضها بعضاً فكأنه نظام واحد سأله التوفيق لمحابه ومحابه في الغيب لا تدري فربما كان محابه في شيء هو الظاهر دون غيره فإذا استقبل النفس به واحتاج إلى إيثاره على ما هو في الظاهر أعلا تردد في النفس سؤاله وصدق التوكل، والتوكل هو التفويض إليه واتخاذه وكيلاً في سائر أموره فسأله صدق ذلك وصدقه أنه إذا استقبلك أمر هو عندك أدون فوفقك لهذا الأدون وهو مختاره أن لا تتردد فيه وتمر فيه مسرعاً ثم قال أسألك حسن الظن بك فإن النفس إذا دخلت في الأدون دخل سوء الظن من قبلها تقول لعلي مخذول فيها فسأله حسن الظن حتى لا تأخذه الحيرة من ربه فيخاف الخذلان. - (حل) عن محمد بن نصر الحارثي من حديث حسين [ص 141] الجعفي عن يحيى بن عمر (عن الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو تابعي ثقة جليل (مرسلاً) ثم قال لم يروه عن الأوزاعي فيما أعلم إلا محمد بن النضر ولا عنه إلا يحيى تفرد به الحسن (الحكيم عن أبي هريرة) قال أعني الحكيم وهذا باب غامض يخفى على الصادقين وإنما ينكشف للصديقين انتهى وفيه عمر بن عمرو وفيه كلام. 1524 - (اللّهم افتح مسامع قلبي) أي آذانه جمع مسمع كمنبر الأذن كما في الصحاح (لذكرك) ليدرك لذة ما نطق به كل لسان ذاكر وأن كل قلب لم يدرك لذة الذكر فهو كالميت بل الميت خير منه. كان رجل في بني إسرائيل أقبل على اللّه ثم أعرض عنه فقال يا رب كم أعصيك ولا تعاقبني فأوحى إلى نبي ذلك الزمان قل لفلان كم عاقبتك ولم تشعر ألم أسلبك حلاوة ذكري ولذة مناجاتي (وارزقني طاعتك) أي كمال لزوم أوامرك (وطاعة رسولك) النبي الأمي الذي أوجبت علينا طاعته وألزمتنا متابعته (وعملاً بكتابك) القرآن أي العمل بما فيه من الأحكام فإن من وفق لفهم أسراره وصرف إليه عنايته اكتفى به عن غيره ودله على كل خير وحذره من كل شر وهو الكفيل بذلك على أتم الوجوه وفيه أسباب الخير والشر مفصلة مبينة - (طس) من حديث الحارث الأعور (عن علي) أمير المؤمنين قال الحارث دخلت على علي بعد العشاء فقال ما جاء بك الساعة قلت إني أحبك قال اللّه آللّه قلت نعم واللّه قال ألا أعلمك دعاء علمنيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال اللّهم افتح إلى آخره قال الهيثمي الحارث ضعيف. 1525 - (اللّهم إني أسألك صحة في إيمان) يعني في بدني مع تمكن التصديق من قلبي ويحتمل أن معناه أسألك صحة إيماني أي قوة إيقاني (وإيماناً في حسن خلق) بالضم أي وأسألك إيماناً يصحبه حسن خلق (ونجاحاً) أي حصولاً للمطلوب (يتبعه فلاح) أي فوز ببغية الدنيا والآخرة (ورحمة منك وعافية) من البلايا والمصائب (ومغفرة منك) أي ستراً للعيوب (ورضواناً) منك يعني فإنه مناط الفوز بخير الدارين قال الحرالي: وهو بكسر الراء وضمها اسم مبالغة في معنى الرضا. - (طس ك) كلاهما (عن أبي هريرة) قال أوصى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سلمان الخير فقال إن رسول اللّه يريد أن يمنحك كلمات تسألهن الرحمن ترغب إليه فيهن وتدعو بهن في الليل والنهار قل اللّهم إلى آخره قال الهيثمي رجاله ثقات. 1526 - (اللّهم اجعلني أخشاك كأني أراك وأسعدني بتقواك) فإنها سبب كل خير وسعادة في الدارين وقد أثنى اللّه في التنزيل على المتقين وبصره ليتقرب إلى اللّه بما ينظره ويسمعه وسأله أن يجعلهما الوارث منه معناه أن يختم له بالنبوة والتوحيد وأن لا يسلبه ذلك (وأقر بذلك عيني) أي فرحني بالانتقام منه. - (طس عن أبي هريرة) قال كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يكثر أن يدعو بهذا الدعاء. قال الهيثمي: وفيه إبراهيم بن خيثم بن عراك وهو متروك. 1527 - (اللّهم الطف) ارفق (بي في تيسير كل عسير) أي تسهيل كل صعب شديد (فإن تيسير كل عسير عليك يسير) فإنك خالق الكل ومقدر الجميع (وأسألك اليسر) أي سهولة الأمور وحسن انقيادها (والمعافاة في الدنيا والآخرة) قال الزمخشري: المعافاة أن يعفو الرجل عن الناس وأن يعفوا هم عنه فلا يكون يوم القيامة قصاص مفاعلة من العفو وقيل هي أن يعافيك اللّه من الناس ويعافيهم منك وقيل يغنيهم عنك ويغنيك عنهم ويصرف أذاهم عنك وعكسه. - (طس عن أبي هريرة) قال لما وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة شيعه وزوده هذه الكلمات. قال الهيثمي: فيه من لم أعرفهم انتهى وأورده في الميزان في ترجمة عبد اللّه بن عبد الرحمن وقال إسناده مظلم. 1528 - (اللّهم اعف عني) أي امح ذنوبي (فإنك عفو كريم) أي فإنك ذو فضل وذو كرم تحب الإفضال والإنعام والعفو [ص 143] الفضل ومنه {قل العفو} أي الفضل وما لا يجهد المنفق إنفاقه أصله من عفو الشيء وهو كثرته ونماؤه ومنه {حتى عفواً} أي كثروا. - (طس عن أبي سعيد) الخدري قال: جاء رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال علمني دعاء أصيب به خيراً فقال ادن فدنا حتى كادت ركبته تمس ركبته فقال قل اللّهم إلى آخره. قال الهيثمي: فيه يحيى بن ميمون التمار وهو متروك. 1529 - (اللّهم طهر قلبي من النفاق) أي من إظهار خلاف ما في الباطن وهذا قاله تعليماً لغيره كيف يدعو (وعملي من الرياء) بمثناة تحتية أي حب إطلاع الناس على عملي (ولساني من الكذب) ونحوه من الغيبة والنميمة زاد في الإحياء وفرجي من الزنا (وعيني) بالتثنية والإفراد (من الخيانة) أي النظر إلى ما لا يجوز (فإنك تعلم خائنة الأعين) مصدر بمعنى الخيانة أي الرمز بها أو النظرة بعد النظرة أو مسارقة النظر إلى ما نهى عنه أو تقديره الأعين الخائنة على التقديم (وما تخفي الصدور) أي الوسوسة أو ما تضمر من أمانة أو خيانة وهذا قاله المصطفى مع أن ذاته الشريفة جبلت على الطهارة ابتداء ونزعت من قلبه علقة الشيطان وأعين على شيطانه فأسلم تشريفاً من قبيل قوله في هذا الخبر إيماء إلى الحث على تطهير القلوب التي هي محل نظر الحق. قال القونوي: وطهارة باطن الإنسان أعني قلبه بسبب قلة التعشقات والتعلقات أو ذهابها ما خلا تعلقه بالحق وبسبب قلة خواص الكثرة والصفات الإمكانية سيما أحكام مكانات الوسائط والسلامة من ضرب الأحكام والخواص المنبه عليها من قبل والمودعة في الأشياء المذكورة وكدورة القلب والحرمان والحجب ونحوها تكون بالصفة المقابلة لهذه ولكثرة الأحكام الإمكانية وخواص إمكانات الوسائط وكثرة التعلقات والانصباغ بالخواص والأحكام المضرة المودعة في الأشياء التي هي مظاهر النجاسة المعنوية وكما أن طهارة القلوب مما ذكر توجب مزيد الرزق المعنوي فكذا الطهارة الظاهرة الصورية توجب مزيد الرزق الحسي ومن جمع بين الطهارتين فاز بالرزقين (الحكيم) في النوادر. - (خط) كلاهما (عن أم معبد) بنت خالد (الخزاعية) الكعبية عاتكة التي نزل عليها المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في الهجرة قال الحافظ العراقي سنده ضعيف. 1530 - (اللّهم ارزقني عينين هطالتين) أي بكايتين ذرافتين بالدموع وقد هطل المطر يهطل إذا تتابع (يشفيان) أي يداويان (اللّهم ارزقني بذروف الدموع) أي يسيلان الدموع وفي الصحاح ذرف الدمع إذا سال وذرفت عينه سال دمعها. وقال الزمخشري: سالت مذارف عينه أي مدامعها وسمعت من يقول رأيت دمعه يتذارف انتهى (من خشيتك) من شدة خوفك (قبل أن تكون الدموع دماً) من هول الموقف وما بعده (والأضراس) جمع ضرس وهو السن وهو مذكر ما دام له هذا الاسم لأن الأسنان كلها إناث الأضراس فإن قيل فيه سن فهو مؤنث (جمراً) من شدة العذاب يوم المآب وهذا إنما يكون محض تعليم للأمة وأما هو فأعظم الآمنين الفرحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. - (ابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عمر) بن الخطاب وقضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجاً لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجيب فقد رواه الطبراني في الكبير وفي الدعاء وأبو نعيم في الحلية قال الحافظ العراقي وإسناده حسن. [ص 144] 1531 - (اللّهم عافني في قدرتك) أي بقدرتك أو فيما قضيت لي به وقدرت (وأدخلني في جنتك) أي ابتداء من غير سبق عذاب وفي نسخ بدل جنتك رحمتك (واقض أجلي في طاعتك) أي اجعل انقضاء أجلي حال كوني ملازماً على طاعتك (واختم لي بخير عملي) فإن الأعمال بخواتيمها (واجعل ثوابه الجنة) يعني رفع الدرجات فيها وإلا فالدخول بالرحمة لا بالعمل كما قال: لن يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول اللّه؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني اللّه برحمته وفيه أن طلب الجنة لا ينافي الكمال. - (ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين. 1532 - (اللّهم أغنني بالعلم) أي علم طريق الآخرة إذ ليس الغنى إلا فيه وهو القطب وعليه المدار فإن العلم والعبادة جوهران لأجلهما كان كل ما ترى وتسمع من تصنيف المصنفين وتعليم المعلمين ووعظ الواعظين ونظر الناظرين بل لأجلهما أنزلت الكتب وأرسلت الرسل بل لأجلهما خلقت السماوات والأرض وما فيهما من الخلق من عرف اللّه فلم تغنه * معرفة اللّه فذاك الشقي (وزيني بالحلم) أي اجعله زينة لي فإنه لا زينة كزينته (وأكرمني بالتقوى) لأكون من أكرم الناس عليك من أتقى اللّه فذاك الذي * سبق له المتجر الرابح وقال عُفي عنه: ما يصنع العبد بغير التقى * والعز كل العز للمتقي وهب أن الإنسان تعب جميع عمره وجاهد وكابد أليس الشأن كله في القبول - (ابن النجار) في تاريخه (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه الإمام الرافعي أيضاً. 1533 - (اللّهم إني أسألك من فضلك) أي سعة جودك (ورحمتك) التي وسعت كل شيء (فإنه لا يملكهما إلا أنت) أي لا يملك الفضل والرحمة غيرك فإنك مقدرهما ومرسلهما فلا يطلبان إلا منك. - (طس عن ابن مسعود) ورواه عنه أيضاً أبو نعيم في الحلية قال ابن مسعود أضاف النبي صلى اللّه عليه وسلم ضيفاً فأرسل إلى أزواجه يبتغي عندهن طعاماً فلم يجد فقال اللّهم إني أسألك إلى آخره فأهديت له شاة مصلية فقال هذه من فضل اللّه ونحن ننتظر الرحمة انتهى. قال أبو نعيم غريب من حديث مسعر وزبيد تفرد به زياد البرجمي. 1534 - (اللّهم حجة) أي أسألك حجة مبرورة وساقه في الإصابة بلفظ اللّهم اجعلها حجة (لا رياء فيها ولا سمعة) بل تكون خالصة لوجهك الكريم مقاربة إلى حضرة مجدك العظيم وفيه إبانة لعظيم فضل الحج ورفيع شرفه وذم للرياء وتقبيح للسمعة وإنما هي في غاية الشناعة كيف وهما محبطان للعمل موقعان في الخطل والزلل. - (ه عن أنس) قال حج [ص 145] النبي صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم على رحل رث وقطيفة تساوي أربع دراهم أو لا تساوي ثم قال فذكره وذلك لشدة تواضعه. 1535 - (اللّهم إني أعوذ بك من خليل ماكر) أي إنسان يظهر المحبة والوداد وهو في باطن الأمر محتال مخادع وفي الصحاح المكر الاحتيال والخداع (عيناه ترياني) أي ينظر إلي بهما نظر الخليل لخليله خداعاً ومداهنة (وقلبه يرعاني) أي يراعي إيذائي وهو له بالمرصاد (إن رأى حسنة) أي علم مني بفعل حسنة فعلتها (دفنها) أي سترها وغطاها كما يدفن الميت (وإن رأى سيئة) أي علم مني بفعل سيئة زللت بها (أذاعها) نشرها وأظهر خبرها بين الناس، قيل أراد الأخنس بن شريق - كان حلو المنطق - إذا لقي المصطفى صلى اللّه عليه وآله وسلم ألان له القول وادعى محبته وقال يعلم اللّه أني صادق وقيل عامة في المنافقين كانت تحلو له ألسنتهم وقلوبهم أمرُّ من الصبر وقد أخذ قعنب الشاعر معنى هذا الحديث فنظمه في قصيدة فقال: إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحاً * مني وإن سمعوا من صالح دفنوا قال الماوردي: وليس من كان هذا حاله من الخلان بالحقيقة بل هو من الأعداء المحذورين وإنما يداجي بالمودة استكفافاً لشره وتحرزاً من مكاشفته فأدخله في عداد الخلاف بالمظاهرة والمساترة وفي الأعداء عند المكاشفة والمجاهرة وقد قال الحكماء: مثل العدو الضاحك إليك كالحنظلة الخضرة أوراقها القاتل مذاقها، وفي حكم الفرس لا تغترن بمقاربة العدو فإنه كالماء وإن أطيل إسخانه بالنار لم يمنع من إطفائها. - (ابن النجار) في تاريخه (عن سعيد) ابن أبي سعيد كيسان (المقبري) بميم مفتوحة وقاف ساكنة ثم باء موحدة مثلثة سمي به لأنه كان يسكن المقابر أو ينزل بنواحيها (مرسلاً) أرسل عن أبي هريرة وعائشة وقال أحمد لا بأس به. 1536 - (اللّهم اغفر لي ذنوبي) جمع ذنب والذنب ما له تبعة دنيوية أو أخروية مأخوذ من الذنب ولما كان المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم معاتباً يترك ما هو الأولى تأكيداً لعصمته أطلق عليه اسم الذنب (وخطاياي) أي استرها وقضية العطف أن الخطايا غير الذنوب (كلها) أي صغيرها وكبيرها (اللّهم انعشني) أي ارفعني وقو جأشي وفي الصحاح نعشه اللّه رفعه وبابه قطع ولا يقال أنعشه. قال الزمخشري: من المجاز نعشه فانتعش إذا تداركه من ورطة وانتعش نعشك اللّه ونعشني نعشه كريم والكريم ينعش الناس قال ومن المجاز مول لبيد: ومنى على السباق لفظ ونعمة * كما نعش الدكداك صوت البوارق (واجبرني) أي سد مفاقري قال في الصحاح الجبر أن تغني الرجل من فقر أو تصلح عظمه من كسر وجبر اللّه فلاناً سد مفاقره وجبر مصيبته رد عليه ما ذهب منه أو عوضه (واهدني لصالح الأعمال) أي للأعمال الصالحة (والأخلاق) جمع خلق بالضم وهو الطبع والسجية وجمعه باعتبار مخالقته الناس ومجاملتهم كما أشار إليه خبر وخالق الناس بخلق حسن (فإنه لا يهدي لصالحها ولا يصرف سيئها) عني (إلا أنت) لأنك المقدر للخير والشر فلا يطلب جلب الخير إلا منك ولا دفع الشر إلا منك وحدك وفيه حذف تقديره واصرف عني سيء الأعمال فإنه لا يهدي إلخ. - (طب عن أبي أمامة) قال: ما صليت وراء نبيكم صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم إلا سمعته يقول ذلك، قال الهيثمي ورجاله وثقوا. [ص 146] 1537 - (اللّهم بعلمك الغيب) الباء للاستعطاف والتذلل أي أنشدك بحق علمك ما خفي على خلقك مما استأثرت به (وقدرتك على الخلق) أي جميع المخلوقات من إنس وجن وملك وغيرها (أحيني ما علمت الحياة خيراً لي وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي) عبر بما في الحياة لاتصافه بالحياة حالاً وبإذا الشرطية في الوفاة لانعدامها حال التمني أي إذا آل الحال أن تكون الوفاة بهذا الوصف فتوفني (اللّهم وأسألك خشيتك) عطف على محذوف واللّهم معترضة (في الغيب والشهادة) أي في السر والعلانية أو المشهد والمغيب فإن خشية اللّه رأس كل خير والشأن في الخشية في الغيب لمدحه تعالى من يخافه بالغيب (وأسألك كلمة الإخلاص) أي النطق بالحق (في الرضا والغضب) أي في حالتي رضا الخلق مني وغضبهم علي فيما أقوله فلا أداهن ولا أنافق أو في حالتي رضاي وغضبي بحيث لا تلجئني شدّة الغضب إلا النطق بخلاف الحق ككثير من الناس إذا اشتد غضبه أخرجه من الحق إلى الباطل (وأسألك القصد) أي التوسط (في الغنى والفقر) وهو الذي ليس معه إسراف ولا تقصير فإن الغنى يبسط اليد ويطفىء النفس والفقر يكاد أن يكون كفراً فالتوسط هو المحبوب المطلوب (وأسألك نعيماً لا ينفد) أي لا ينقضي وذلك ليس إلا نعيم الآخرة (وأسألك قرة عين) بكثرة النسل المستمر بعدي أو بالمحافظة على الصلاة لقوله وجعلت قرة عيني في الصلاة (لا تنقطع) بل تستمر ما بقيت الدنيا وقيل أراد قرّة عينه أي بدوام ذكره وكمال محبته والأنس به. قال بعضهم: من قرت عينه باللّه قرت به كل عين (وأسألك الرضا بالقضاء) أي بما قدرته لي في الأزل لأتلقاه بوجه منبسط وخاطر منشرح وأعلم أن كل قضاء قضيته خير فلي فيه خير. قال العارف الشاذلي: البلاء كله مجموع في ثلاث خوف الخلق وهم الرزق والرضا عن النفس والعافية والخير مجموع في ثلاث الثقة باللّه في كل شيء والرضا عن اللّه في كل شيء واتقاء شرور الناس ما أمكن (وأسألك برد العيش بعد الموت) برفع الروح إلى منازل السعداء ومقامات المقربين والعيش في هذه الدار لا يبرد لأحد بل محشو بالغصص والنكد والكدر ممحوق بالآلام الباطنة والأسقام الظاهرة (وأسألك لذة النظر إلى وجهك) أي الفوز بالتجلي الذاتي الأبدي الذي لا حجاب بعده ولا مستقر للكمل دونه وهو الكمال الحقيقي قيد النظر باللذة لأن النظر إلى اللّه إما نظر هيبة وجلال في عرصات القيامة أو نظر لطف وجمال في الجنة إيذاناً بأن المسؤول هذا (والشوق إلى لقائك) قال ابن القيم: جمع في هذا الدعاء بين أطيب ما في الدنيا وهو الشوق إلى لقائه وأطيب ما في الآخرة وهو النظر إليه ولما كان كلامه موقوفاً على عدم ما يضر في الدنيا ويفتن في الدين قال (في غير ضراء مضرة) قال الطيبي: متعلق الظرف مشكل ولعله يتصل بالقرينة الأخيرة وهي الشوق إلى لقائك. سأل شوقاً إليه في الدنيا بحيث يكون في ضراء غير مضرة أي شوقاً لا يؤثر في سلوكي وإن ضرني مضرة ما، قال: إذا قلت أهدى الهجر لي حلل البلا * تقولين لولا الهجر لم يطب الحب وإن قلت كربي دائم قلت إنما * يعد محباً من يدوم له كرب ويجوز اتصاله بقوله أحيني إلى آخره. ومعنى ضراء مضرة: الضر الذي لا يصبر عليه (ولا فتنة مضلة) أي موقعة [ص 147] في الحيرة مفضية إلى الهلاك. وقال القونوي: الضراء المضرة حصول الحجاب بعد التجلي والتجلي بصفة تستلزم سدل الحجب والفتنة المضلة كل شبهة توجب الخلل أو تنقص في العلم والشهود (اللّهم زينا بزينة الإيمان) وهي زينة الباطن ولا معول إلا عليها لأن الزينة زينتين زينة البدن وزينة القلب وهي أعظمها قدراً وإذا حصلت حصلت زينة البدن على أكمل وجه في العقبى ولما كان كمال العبد في كونه عالماً بالحق متبعاً له معلماً لغيره قال (واجعلنا هداة مهتدين) وصف الهداة بالمهتدين لأن الهادي إذا لم يكن مهتدياً في نفسه لم يصلح كونه هادياً لغيره لأنه يوقع الناس في الضلال من حيث لا يشعر وهذا الحديث أفرد بالشرح. - (ن ك) وأحمد (عن عمار بن ياسر) قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدعو به. 1538 - (اللّهم رب) أي يا رب (جبريل وميكائيل ورب إسرافيل أعوذ بك من حر النار) جهنم (ومن عذاب القبر) قال عياض: تخصيصهم بربوبيته وهو رب كل شيء من إضافة العظيم له دون ما قد يحتقر عند الدعاء مبالغة في التعظيم ودليلاً على القدرة والملك وأشباهه كثير. وقال القرطبي: خصهم لانتظام هذا الوجود بهم. - (ت عن عائشة) ورواه عنها أيضاً أحمد والبيهقي. 1539 - (اللّهم إني أعوذ بك من غلبة الدين) ثقله وشدته وذلك حيث لا قدرة على وفائه سيما مع الطلب وفي خبر أو أثر: ما دخل هم الدين قلباً إلا أذهب من العقل ما لا يعود (وغلبة العدو) من يفرح بمصيبته ويحزن بمسرته وقد يكون من الجانيين أو من أحدهما (وشماتة الأعداء) فرحهم ببلية تنزل بعد وهم كما قال تعالى حكاية عن هارون {فلا تشمت بي الأعداء} وختم بهذه الكلمة البديعة لكونها جامعة متضمنة لسؤال الحفظ عم جميع المعاصي. قال بعضهم: العداوة مأخوذة من عدا فلان عن طريق فلان أي جاوزه ولم يوافقه فيما يحب. قالوا: وأصل ذلك أن الخلق يوم أخذ الميثاق كانوا على صفات فمن كان وجهاً لوجه فمحال أن تقع بينهما عداوة ومن كان ظهراً لظهر فمحال أن تقع بينهما صداقة ومن كان وجهاً لظهر فصاحب الوجه محب وصاحب الظهر مبغض ومن كان جنباً لجنب أو بازورار فبحسب ذلك ومن شهد ذلك أقام للناس المعاذير وإن كانوا مذمومين بعداوتهم شرعاً. قال البرهان: لكن من شأن الكمل إثبات الخلق مع الحق (تنبيه آخر) قال بعض الكاملين إنما حسن الدعاء بدفع شماتة الأعداء لأن من له صيت عند الناس وتأمل وجد نفسه بينهم كبهلوان يمشي على حبل عال بقبقاب وجميع الأقران والحساد واقفون ينتظرون متى يزلق فيشمتون به ومن أشق ما على الزالق أن يغلب عليه رعاية مقامه عند الخلق فإنه يذوب قهراً بخلاف من يراعي الحق فإن الأذى يخف عليه ولو أظهروا كلهم الشماتة فلذلك خف على العارف أمر شماتة عدوه وثقل على المحجوب وإنما قال المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ذلك خوفاً على اتباعه من التفرقة وقلة انتفاع المؤلفة إذ قل تعظيمه لا لكونه يتأثر مراعاة لحظ نفسه لعصمته من ذلك. - (ت ك عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أحمد والطبراني أيضاً. 1540 - (اللّهم إني أعوذ بك من غلبة الدين وغلبة العدو) أي تسلطه (ومن بوار الأيم) أي كسادها والأيم من لا زوج لها بكراً أو ثيباً مطلقة أو متوفى عنها، وبوارها أن لا يرغب فيها أحد. وفي المصباح بار الشيء هلك وبار كسد على الاستعارة لأنه إذا ترك صار غير منتفع به فأشبه الهالك، وقال الزمخشري: بارت البيعات كسدت وسوق بائرة وبارت الأيم إذا لم يرغب فيها (ومن فتنة المسيح الدجال) التي لا فتنة أكبر منها ولا بلاء أبشع منها. - (قط في الأفراد [ص 148] طب عن ابن عباس) قال الهيثمي فيه عباد بن زكريا ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح. 1541 - (اللّهم إني أعوذ بك من التردي) السقوط من عال كالوقوع من شاهق جبل أو في بئر والتردي تفعل من الردى وهو الهلاك (والهدم) بسكون الدال أي سقوط البناء ووقوعه على الشيء. قال القاضي: وروي بالفتح وهو اسم ما انهدم منه وفي النهاية الهدم محركاً البناء المهدوم وبالسكون الفعل (والغرق) بكسر الراء كفرح الموت بالغرق وقيل بفتح الراء (والحرق) بفتح الحاء والراء الإلتهاب بالنار استعاذ منها مع ما فيها من نيل الشهادة لأنها مجهدة مقلقة لا يثبت المرء عندها فربما استنزله الشيطان فأخل بدينه ولأنه يعد فجأة ومؤاخذة أسف كما يأتي ذكره القاضي. وقال الطيبي: استعاذ منها مع ما فيها من نيل الشهادة لأنها في الظاهر مصائب ومحن وبلاء كالأمراض السابقة المستعاذ منها أما ترتب ثواب الشهادة عليها فللبناء على أنه تعالى يثيب المؤمن على المصائب كلها حتى الشوكة وكان الفرق بين الشهادة الحقيقية وبين هذه الشهادة أنها متمني كل مؤمن ومطلوبه وقد يجب عليه توخي بهجة الشهادة والتحري لها بخلاف التردي والحرق والغرق ونحوها فإنه يجب التحرز عنها ولو سعى فيها عصى (وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان) أي يصرعني ويلعب بي ويفسد ديني أو عقلي (عند الموت) بنزعاته التي تزل بها الأقدام وتصرع العقول والأحلام وقد يستولي على المرء عند فراق الدنيا فيضله أو يمنعه التوبة أو يعوقه عن الخروج عن مظلمة قبله أو يؤيسه من الرحمة أو يكره له الرحمة فيختم له بسوء والعياذ باللّه وهذا تعليم للأمة فإن شيطانه أسلم ولا تسلط له ولا لغيره عليه بحال سائر الأنبياء على هذا المنوال. قال القاضي: تخبيط الشيطان مجاز عن إضلاله وتسويله (وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبراً) عن الحق أو عن قتال الكفار حيث حرم الفرار وهذا تعليم للأمة (وأعوذ بك أن أموت لديغاً) فعيل بمعنى مفعول واللدغ بدال مهملة وغين معجمة يستعمل في ذوات السم كحية وعقرب وبعين مهملة وذال معجمة يستعمل في الإحراق بنار كالكي وأما اللدع بمهملتين واللذغ بمعجمتين فما خلا عن ذكره زبر اللغة المتداولة كالصحاح واللسان والقاموس والأساس والمصباح. - (ن ك عن أبي اليسر) بمثناة تحتية وبسين مهملة مفتوحة وراء واسمه كعب بن عمر أسلم يوم الفتح وقتل يوم اليمامة سبعة منهم محكم اليمامة ورواه عنه أيضاً أبو داود في الصلاة فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد النسائي به عن الستة غير صحيح. 1542 - (اللّهم إني أعوذ بوجهك الكريم) قال البيضاوي: وجه اللّه مجاز عن ذاته عز وجل تقول العرب أكرم اللّه وجهك بمعنى أكرمك والكريم الشريف النافع الذي لا ينفد عطاؤه (واسمك العظيم) أي الأعظم من كل شيء (من الكفر) بسائر أنواعه (والفقر) فقر المال أو فقر النفس على ما سبق وذا تعليم لأمته. قيل: وهذا يعارض لا يسأل بوجه اللّه إلا الجنة. وأجيب: بأن الاستعاذة من الكفر سؤال الجنة. - (طب في السنة) أي في كتاب السنة له (عن عبد الرحمن بن أبي بكر) الصديق شقيق عائشة حضر بدراً مع الكفار ثم أسلم وكان من أشجع قريش وأرماهم بسهم تأخر إسلامه إلى قبيل الفتح وقال الهيثمي فيه من لم أعرفهم. 1543 - (اللّهم لا يدركني زمان) أي أسألك أن لا يدركني زمان أي لا يلحقني [ص 149] ولا يصل إلي زمان أي عصر أو وقت (ولا تدركوا زماناً) يعني وأسأل اللّه أن لا تدركوا زماناً (لا يتبع فيه العليم) أي لا ينقاد له أهل ذلك الزمان ويتبعونه فيما يقول إنه الشرع (ولا يستحي فيه من الحليم) باللام أي العاقل المتثبت في الأمور (قلوبهم) يعني قلوب أهل ذلك الزمان (قلوب الأعاجم) أي قلوبهم بعيدة من الخلاق مملوءة من الرياء والنفاق (وألسنتهم ألسنة العرب) متشدقون متفصحون متفيهقون يتلونون في المذاهب ويروغون كالثعالب قال الأحنف: لأن ابتلى بألف جموح لجوج أحب إليّ من ابتلى بمتلون، والمعنى اللّهم لا تحييني ولا أصحابي إلى زمن يكون فيه ذلك. - (حم عن سهل بن سعد) الساعدي (ك عن أبي هريرة) قال الزين العراقي: سنده ضعيف وقال الهيثمي فيه ابن لهيعة وهو ضعيف. 1544 - (اللّهم ارحم خلفائي الذين يأتون) أي يجيئون (من بعدي) قيد به لأن الخليفة كثيراً ما يخلف الغائب بسوء وإن كان مصلحاً في حضوره ذكره الحرالي ثم بين مراده بخلفائه بقوله الذين (يروون أحاديثي وسنتي ويعلمونها الناس) فهم خلفاؤه على الحقيقة وبين بهذا أنه ليس مراده هنا الخلافة التي هي الإمامة العظمى وهذه منقبة لأهل الحديث العالمين العاملين أعظم بها من منقبة والأحاديث جمع حديث وتقدم أنه في عرف الشرع ما يضاف إلى المصطفى صلى اللّه عليه وسلم قولاً أو فعلاً أو تقريراً والسنن جمع سنة وهي الطريقة والمراد بها في عرف الشرع الطريقة التي كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يتحراها فهما إلى الترادف أقرب وقد يقال أراد بها هنا الطريقة المسلوكة في الدين وإن كان من كلام التابعين فمن بعدهم من المجتهدين فيدخل فيه الفقهاء. - (طس عن علي) أمير المؤمنين ثم قال مخرجه الطبراني تفرد به أحمد بن عيسى أبو طاهر العلوي الهاشمي قال الزين العراقي وأحمد هذا قال الدارقطني كذاب انتهى وفي الميزان هذا حديث باطل وأحمد كذاب انتهى فكان ينبغي حذفه من الكتاب. 1545 - (اللّهم إني أعوذ بك من فتنة النساء) أي الامتحان بهن والابتلاء بمحبتهن وإنما يستعاذ من فتنتهن لأنها أضر الفتن وأعظم المحن وسيجيء في الكتاب حديث ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء (وأعوذ بك من عذاب القبر) هذا تعليم للأمة. - (الخرائطي في) كتابه (اعتلال القلوب عن سعد) بن أبي وقاص. 1546 - (اللّهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة) بكسر القاف قلة المال التي يخاف منها قلة الصبر على الإقلال وتسلط الشيطان بذكر تنعم الأغنياء أو المراد القلة في أبواب البر وخصال الخير أو قلة العدد والمدد أو الكل (وأعوذ بك من أن أظلم-أي أحداً من المسلمين والمعاهدين ويدخل فيه ظلم نفسه بمصية اللّه-) بالبناء للفاعل أي أجور أو أعتدي أو أظلم بالبناء للمفعول والظلم وضع الشيء بغير محله وفي المثل من استرعى الذئب ظلم، وفيه ندب الاستعاذة من الظلمة-أي والظلم، وأراد بهذه الأدعية تعليم أمته- - (د ن ه ك عن أبي هريرة) سكت عليه أبو داود [ص 150] ولم يعترضه المنذري. 1547 - (اللّهم إني أعوذ بك من الجوع) أي من ألمه وشدة مصابرته (فإنه بئس الضجيع) أي النائم معي في فراش واحد قلما كان يلازم صاحبه في المضجع سمي ضجيعاً (وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة) ومن ثم قيل أفحش الزمانة عدم الأمانة وقال الأحنف: الزم الأمانة يلزمك العمل وقيل الخيانة خزي وهوان {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} ورب حيلة على صاحبها وبيله والبطانة بكسر الباء خلاف الظهارة ثم استعيرت لمن يخصه الرجل بالإطلاع على باطن أمره والتبطن الدخول في الأمر فلما كانت الخيانة أمراً يبطنه الإنسان ويستره ولا يظهره سماها بطانة. - (د ن ك عن أبي هريرة) وأعله المناوي وغيره بأن فيه محمد بن عجلان وإنما خرج له مسلم في الشواهد قال في الرياض بعد عزوه لأبي داود إسناده صحيح. 1548 - (اللّهم إني أعوذ بك من الشقاق-استعاذ صلى اللّه عليه وسلم من الشقاق لأنه يؤدي إلى المقاطعة والمهاجرة-) ككتاب النزاع والخلاف أو التعادي إن كلاً منهما يكون في شق أي في ناحية أو هو العداوة (والنفاق) نفاق العمل (وسوء الأخلاق) لأن صاحب سوء الخلق لا يفر من ذنب إلا وقع في آخر والأخلاق السيئة من السموم القاتلة والمهلكات الرائعة والمخازي الفاضحة والرذائل الواضحة والخبائث المبعدة عن جوار رب العالمين المخرطة لصاحبها في سلك الشيطان الرجيم اللعين وهي الأبواب المفتحة من القلب إلى نار اللّه الموقدة التي تطلع على الأفئدة فحق لها أن يستعاذ منها. - (د) في الصلاة (ن) في الاستعاذة (عن أبي هريرة) وفيه بقية وعبارة ابن عبد اللّه بن أبي سليك لا يعرف حاله. 1549 - (اللّهم إني أعوذ بك من البرص) داء معروف وقيل للقمر أبرص للنكتة التي فيه وسام أبرص سمي به تشبيهاً بالبرص والبريص الذي يلمع لمعان الأبرص ويقارب البصيص ذكره الراغب (والجنون والجذام) استعاذته منها تعليم للأمة وإظهار للعبودية (ومن سيء الأسقام-أي الأسقام السيئة أي الرديئة كالسل والاستسقاء وذات الجنب-) نص على تلك الثلاثة مع دخولها في الأسقام لكونها أبغض شيء إلى العرب ولهم عنها نفرة عظيمة ولهذا عدوا من شروط الرسالة السلامة من كل ما ينفر الخلق ويشوه الخلق. - (حم د ن عن أنس) قال في الرياض بعد عزوه لأبي داود بإسناد صحيح. 1550 - (اللّهم اجعل بالمدينة ضعفي) تثنية ضعف بالكسر قال في القاموس ضعف الشيء مثله وضعفاه مثلاه والضعف المثل إلى ما زاد ويقال ولك ضعفه يريدون مثليه وثلاثة أمثاله لأنه زيادة غير محصورة: أي اللّهم اجعل بالمدينة مثلي (ما جعلت بمكة من البركة) الدنيوية بدليل قوله في الخبر الآتي اللّهم بارك لنا في مدنا وصاعنا أو الأخروية أو هما على ما مر لكن هذا في غير ما خرج بدليل كتضعيف الصلاة بمكة على المدينة، قال النووي: حصلت البركة في نفس الكل بخيث يكفي المد فيها من لا يكفيه في غيرها وذا محسوس عند ساكنيها. - (حم ق عن أنس) بن مالك. 1551 - (اللّهم رب الناس) أي الذي [ص 151] رباهم بإحسانه وعاد عليهم بفضله وحذف حرف النداء إشهاراً بما له من القرب لأنه في حضرة المراقبة (مذهب) بضم فسكون مزيل (الباس) شدة المرض (إشف) ابرىء (أنت) لا غيرك (الشافي) المداوي من المرض المبرئ ومنه فيه جواز تسمية اللّه بما ليس في القرآن إذا ورد به خبر صحيح كما هنا وهو القول الذي عليه التعويل قال القرطبي: الشافي اسم فاعل من شفاء وأل فيه بمعنى الذي وليس باسم اللّه (لا شافي إلا أنت) فيه أن كل ما يقع في التداوي إنما ينجع بتقدير اللّه (اشف شفاء) مصدر منصوب باشف وقد يرفع خبر مبتدأ أي هو (لا يغادر) بغين معجمة لا يترك وفائدته أنه قد يحصل الشفاء من ذلك المرض فيخلفه مرض آخر (سقماً) بضم فسكون وبفتحتين مرضاً ولا يشكل الدعاء بالشفاء مع أن المرض كفارة لأن الدعاء عبادة ولا ينافي الثواب والكفارة لحصولهما بأول المرض وبالصبر عليه والداعي ما يحصل له مطلوبه أو يعوضه. - (حم ق س 3 عن أنس) بن مالك. 1552 - (اللّهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة) يعني الصحة والكفاف والعفاف والتوفيق للخير (وفي الآخرة حسنة) يعني الثواب والرحمة (وقنا) بالعفو والمغفرة (عذاب النار) الذي استحقيناه بسوء أعمالنا. وقول علي كرم اللّه وجهه: الحسنة في الدنيا المرأة الصالحة وفي الآخرة الحور وعذاب النار امرأة السوء وقول الحسن: الحسنة في الدنيا العلم والعبادة، وفي الآخرة الجنة، ومعنى وقنا عذاب النار احفظنا من كل شهوة وذنب يجر إليها: أمثلة للمراد بها. - (ق عن أنس بن مالك) قال: عاد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجلاً من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هل كنت تدعو اللّه بشيء أو تسأله إياه؟ قال نعم، كنت أقول: اللّهم ما كنت معاقبني به في الآخرة فجعله لي في الدنيا، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم نحن لا نطيقه أو لا نستطيعه، أولا قلت: اللّهم آتنا إلخ؟ قال فدعا اللّه به فشفاه اللّه. 1553 - (اللّهم إني أعوذ بك من الهم والحزن) ليس العطف لاختلاف اللفظ مع اتحاد المعنى كما ظنَّ بل الهم إنما يكون في أمر متوقع والحزن فيما وقع والهم هو الحزن الذي يذيب الإنسان فهو أشد من الحزن وهو خشونة في النفس لما يحصل فيها من الغم فافترقا. وقال القاضي: الفرق بين الهم والحزن أن الحزن على الماضي والهم للمستقبل وقيل الفرق بالشدّة والضعف فإن الهم من حيث إن تركيبه أصل في الذوبان يقال أهمني المرض بمعنى أذابني وسنام مهموم مذاب وسمي به ما يعتري الإنسان من شدائد الغم لأنه ببدنه أبلغ وأشد من الحزن الذي أصله الخشونة (والعجز) القصور عن فعل الشيء وهو ضد القدرة، وأصله التأخر عن الشيء وصار في التعارف اسماً للقصور عن فعل الشيء، وللزومه الصعف والقصور عن الإتيان بالشيء استعمل في مقابلة القدرة واشتهر فيها (والكسل) التثاقل عن الشيء مع وجود القدرة والداعية (والبخل والجبن وضلع الدين) بفتحتين ثقله الذي يميل بصاحبه عن الاستواء والضلع بالتحريك الاعوجاج (وغلبة الرجال) شدة تسلطهم بغير حق تغلباً وجدلاً فالإضافة للفاعل أو هيجان النفس من شدة الشق فالإضافة للمفعول. قال ابن القيم: كل اثنين منها قرينتان فالهم والحزن قرينتان إذ المكروه الوارد على القلب إن كان من مستقبل يتوقعه أحدث الهم أو من ماض أحدث الحزن، والعجز والكسل قرينتان فإن تخلف العبد عن أسباب الخير إن كان لعدم قدرته فالعجز أو لعدم إرادته فالكسل، والجبن والبخل قرينتان فإن عدم النفع إن كان ببدنه فالجبن أو بماله فالبخل، وضلع الدين وقهر الرجال قرينتان فإن استعلا الغير عليه إن كان بحق فضلع الدين أو بباطل فقهر الرجال.
|